من روائع الشعر العربي

عروس الحزن

عروس الحزن

منزلها الكبير بجوار الصغير ،
و قد لفني و إياها عاطف الحنان و الحنين فتلاقينا على بعد .
تظل تغني ، و أظل أصغي إلى أغانيها ، و صوتها يتعثر في دمعها ، و دمعها يتحشرج في صوتها ،
و في نغماتها تتحاضن الدموع و الترنم ، كأن صوتها عود ذو وتر واحد ،
بعضه يبكي ، و بعضه . . . . . . . .
صوتها دمع و أنغام صبايا
و ابتسامات و أنّات عرايا
كلّما غنّت جرى من فمها
جدول من أغنيات و شكايا
أهي تبكي أم تغنّي أم لها
نغم الطير و آهات البرايا ؟
صوتها يبكي و يشدو آه ما
ذا وراء الصوت ما خلف الطوايا ؟
هل لها قلب سعيد و لها
غيره قلب شقيّ في الرزايا ؟
أم لها روحان : روح سابح
في الفضا الأعلى وروح في الدنايا ؟
أم تلاقت في حنايا صدرها
صلوات و شياطين خطايا ؟
أن تناجت في طوايا نفسها
لحن عرس و جراحات ضحايا ؟
لست أدري . صوتها يحرقني
بشجوني إنّه يدمي بكايا
كلّما طاف بسمعي صوتها
هزّ في الأعماق أوتار شجايا
و سرى في خاطري مرتعشا
رعشة الطيف بأجفان العشايا
أترى الحزن الذي في شجوها
رقّة الحرمان أم لطف السجايا
أم تراها هدّجت في صوتها
قطع القلب و أشلاء الحنايا
كلّما غنّت .. بكت نغمتها
و تهاوى القلب في الآه شظايا
هكذا غنّت ، و أصغيت لها
و تحمّلت شقاها و شقايا
يا عروس الحزن ما شكواك من
أيّ أحزان و من أيّ البلايا
ما الذي أشقاك يا حسنا ؟ و هل
للشقا كالناس عمر و منايا ؟
هل يموت الشر ؟ هل للخير في
زحمة الشر سمات و مزايا ؟
كيف تعطي أمّنا الدنيا المنى
و هي تطوي عن أمانينا العطايا
و لقوم تحمل البذل كما
يحمل الخل إلى الحسنا الهدايا
هل هي الدنيا التي تحرمني
أم تراخت عن عطاياها يدايا ؟
أنا حرماني و شكوى فاقتي
أنا آلامي و دمعي و أسايا
لم يرع قلبي سوى قلبي أنا
لا ولا غذّبني شيء سوايا !
جارتي ، ما أضيق الدنيا إذا
لم تشقّ النفس في النفس زوايا
عبد الله البردوني

أضف تعليق