من روائع الشعر العربي

فلسفة الجراح

فلسفة الجراح

متألّم . ممّا أنا متألّم ؟
حار السؤال  و أطرق المستفهم
ماذا أحسّ  و آه حزني بعضة
يشكو فأعرفه و بعض مبهم
بي ما علمت من الأسى الدامي و بي
من حرقة الأعماق ما لا أعلم
بي من جراح الروح ما أدري و بي
أضعاف ما أدري و ما أتوهّم
و كأنّ روحي شعلة مجنونة
تطغى فتضرمني بما تتضرّم
و كأنّ قلبي في الضلوع جنازة
أمشي بها وحدي و كلّي مأتم
أبكي فتبتسم الجراح من البكا
فكأنّها في كلّ جارحة فم
يا لابتسام الجرح كم أبكي و كم
ينساب فوق شفاهه الحمر دم
أبدا أسير على الجراح و أنتهي
حيث ابتدأت فأين منّي المختم
و أعارك الدنيا و أهوى صفوها
لكن كما يهوى الكلام الأبكم
و أبارك الأمّ الحياة لأنّها
أمّي و حظّي من جناها العلقم
حرماني الحرمان إلاّ أنّني
أهذي بعاطفة الحياة و أحلم
و المرء إن أشقاه واقع شؤمه
بالغبن أسعده الخيال المنعم
وحدي أعيش على الهموم ووحدتي
باليأس مفعمة وجوّي مفعم
لكنّني أهوى الهموم لأنّها
فكر أفسّر صمتها و أترجم
أهوى الحياة بخيرها و بشّرها
و أحبّ أبناء الحياة و أرحم
و أصوغ ” فلسفة الجراح ” نشائدا
يشدو بها اللّاهي و يشجى المؤلم
عبد لله البردوني

أضف تعليق